نعيمة بوحمالة الفنانة المغربية في ذمة الله
خيم الحزن على الساحة الفنية المغربية صباح اليوم الأربعاء، بعد الإعلان عن وفاة الفنانة القديرة نعيمة بوحمالة، التي فارقت الحياة بهدوء بعد صراع طويل مع مرض القلب، الذي تسبب لها في معاناة صحية متكررة خلال السنوات الأخيرة.
دخلت الراحلة عالم التمثيل وهي لا تزال في سن الطفولة، حيث بدأت مشوارها الفني في سن الثانية عشرة، واستمرت في العطاء لأكثر من خمسة عقود. وتميزت مسيرتها الفنية بالغنى والتنوع، إذ جمعت بين المسرح والتلفزيون والسينما، وبرزت كواحدة من أبرز الفنانات اللواتي تركن بصمة لا تُنسى في الذاكرة الفنية المغربية.
لم تكن نعيمة بوحمالة مجرد فنانة عابرة، بل كانت شخصية فنية متميزة بطبعها القوي، وصدقها، وبساطتها، وخفة ظلها. استطاعت منذ السبعينيات أن تفرض نفسها كصوت نسائي بارز في وقت كانت فيه مشاركة النساء في المجال الفني محدودة، وأتقنت تجسيد شخصيات تمزج بين الكوميديا والتراجيديا، لتُضحك الجمهور وتُبكيه في آن واحد.
أثبتت الراحلة مكانتها من خلال أعمال بارزة في التلفزيون والسينما، منها "ستة من ستين"، "الدار الكبيرة"، "اللعب مع الذئاب"، "عنداك أ ميلود"، "خمسة وخميس"، و"انكسار"، إلى جانب إبداعاتها المسرحية المتميزة، مما جعلها من أكثر الوجوه الفنية ارتباطاً بوجدان المغاربة.
رغم النجاح الذي حصدته، لم تكن مسيرتها سهلة، فقد عانت في السنوات الأخيرة من أزمات صحية متكررة ومن تراجع فرص الظهور الفني. ومع ذلك، لم تستسلم، بل حاولت تجاوز العزلة بإطلاق قناة على يوتيوب تواصلت من خلالها مع جمهورها بعفويتها المعتادة، قبل أن تتراجع عن هذه الخطوة وتكتفي بمشاركات محدودة في بعض الأعمال الفنية.
وقد أعرب العديد من الفنانين المغاربة عن حزنهم لفقدان بوحمالة. الفنان رشيد الوالي نعاها بكلمات مؤثرة، واصفاً إياها بأنها لم تكن مجرد ممثلة، بل كانت مرآة للمرأة المغربية الأصيلة، وقدوة في الصدق والبساطة. واستحضر أول لقاء جمعه بها في مسلسل "حوت البر" مع المخرجة فريدة بورقية، واصفاً إياه بلحظة تعلم واحترام لفنانة فريدة لا تُعوض.
أما الفنانة والبرلمانية فاطمة خير، فقد عبّرت عن ألمها لفقدان صديقة كانت محبة للحياة والخير، مشيدة بعفويتها وصدقها. ووصفت الممثلة نجاة الوافي الراحلة بأنها كانت رمزاً من رموز الفن المغربي، تتميز بعفوية نادرة وموهبة كبيرة.
وكان آخر ظهور فني للفقيدة في فيلم سينمائي بعنوان "البوز"، من إخراج دمنة بونعيلات، الذي عُرض لأول مرة في أبريل الماضي، وشكل مناسبة وداع لجمهورها ومحبيها.
برحيل نعيمة بوحمالة، يُطوى فصل مهم من فصول الفن المغربي، وتغيب قامة فنية بارزة أثرت الساحة بإبداعها، لكن ذكراها ستظل خالدة، وأعمالها ستبقى شاهدة على مسيرة حافلة بالعطاء والتفاني.