لا شك أنك مررت، خلال مرحلة من مراحل عمرك، بعدة تجارب حياتية، شعرت فيها أن الوقت يمر في بعضها بشكل سريع، بينما يمر بطيئا جدا في أخرى. وقد تستغرب لو علمت أن سببا علميا يقف وراء شعورك هذا. لقد درس العلماء الكيفية التي يعمل بها شعورنا بالوقت، وتوصلوا إلى أنه بينما يظل المقياس الأساسي للوقت ثابتا (تعمل أدق الساعات في العالم بوثيرة دقيقة، حيث يقدر هامش الخطأ فيها بثانية كل 300 مليون سنة)، فإن تصورنا للوقت يبقى شخصيا. الدماغ لا يحافظ على الوقت مثلما تفعل الساعة العادية، وهذا يرجع إلى كثير من العوامل كالاهتمام والذاكرة والعواطف والإيقاعات البيولوجية والعمر. يكون إدراك الإنسان للوقت قابلا للتمدد أو الضغط وذلك استجابة لحالتنا العقلية والعاطفية والبيئية. إن مرور الوقت بسرعة أو ببطء أصبح تجربة شائعة حتى أصبح جزء من مصطلحات حياتنا. فنعبر أحيانا عن حبنا للشخص بالقول إن الوقت معه مر كلمح البصر أو قد نتساءل عما إذا كان الوقت قد توقف حين نصادف عملا مملا لدرجة أن مخنا يكاد يتوقف. ولكن ما الذي يسبب هذا التصور الغريب للوقت؟ وما الذي يجعله وكأنه يمر سريعا أو يمر بطيئا؟ وجد علماء الأعصاب أن دماغ الإنسان يحتوي على ساعة داخلية قابلة للتكييف يمكنها التمدد أو تقليص الوقت بناء على ما راكمناه من تجارب وحالات وعينا في تلك اللحظة. عندما نكون متحمسين أو خائفين، تنتج أدمغتنا نبضات في فترة معينة مما يجعل الوقت وكأنه يتباطأ، في حين تنتج نبضات قليلة حين نكون مسترخين ما يجعل الوقت يبدو وكأنه يمر سريعا. كما أن المرور بتجارب وحالات ومشاعر إيجابية يجعل الناس يشعرون وكأن وقتهم يمضي مسرعا، رغم أن هذه الحالات الإيجابية قد لا تتساوى. وقد يلعب الانتباه دورا أساسيا كذلك في إدراكنا لمرور الوقت بشكل سريع من عدمه. فانخراطنا في مهمة ما والاستمتاع بها وإيلاء أهمية أقل لمرور الوقت، يجعله يمر بشكل أسرع. وندما نشعر بالملل أو الانتظار فإننا ندرك تماما كل ثانية مما يجعل الوقت يبدو وكأنه يزحف زحفا.
في المرة التي تشعر فيها، وأنت تمر بلحظات استمتاع، أن الوقت يمر بسرعة، اعلم أن ذلك يحدث في رأسك فقط، لأن إدراك الوقت هو تفاعل معقد بين انتباهنا وذاكرتنا وعواطفنا وحالاتنا الداخلية وكيفية معالجة الدماغ للمعلومات.
المصدر: مواقع إلكترونية