تتواجد العديد من التشكيلات الصخرية المذهلة في مختلف أنحاء العالم، مثل أولورو في أستراليا، وصخور أربول دي بيدرا الشبيهة بالشجرة في بوليفيا، وجسر العمالقة في أيرلندا الشمالية. هذه التشكيلات المدهشة يمكن تفسيرها بعمليات طبيعية، غير أن صخرة النصلة في واحة تيماء بتبوك شمال السعودية تتحدى التفسير. الدكتور عبد العزيز بن عبد الله بن لعبون، رئيس مجلس إدارة جمعية "الجيولوجيون السعوديون"، أوضح في تصريحات لـ"الجزيرة نت" أن هذه الصخرة المقسومة بشكل شبه هندسي أثارت دهشة الجميع، حيث يفصل بين نصفيها فراغ دقيق يشبه القطع بآلة ميكانيكية حديثة.
صخرة النصلة هي جزء من جبل تنصل بعيداً عن الجبال المجاورة، وتسمى النصلات نسبة إلى سلسلة الجبال المحيطة بها. غير أن هذه الصخرة تحديداً اكتسبت اسم الجبل القريب منها، والذي أُطلق عليه اسم "جبل النصلة" بعد ذلك. اشتهرت الصخرة بانشطارها الغريب؛ حيث تظهر وكأنها مقطوعة بواسطة أداة دقيقة كأشعة الليزر، بسبب فراغها المتساوي. ارتفاع الصخرة يصل إلى 6 أمتار وطولها نحو 9 أمتار، وعرضها 8 أمتار، وهي تتكون من طبقات سميكة من الأحجار الرملية التي تشكلت بفعل العوامل الجوية والرياح. يقول بن لعبون إن الانشطار حدث منذ زمن بعيد جداً، قبل أن يبدأ الإنسان القديم في نقش الرسومات عليها.
الصخرة تحتوي على نقوش تصور حيوانات وطيور وزواحف يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، ويعتقد أن هذه النقوش قد وُضعت لتكون علامات للقوافل وتدل على أهمية المنطقة في العصور الماضية. النقوش تعود إلى ما يقارب 3 آلاف سنة، وترمز إلى الحياة القديمة في المنطقة. هناك العديد من الحكايات الشعبية التي ارتبطت بالصخرة، ومنها أن عنترة بن شداد كان يربط حصانه عندها ليلتقي بمحبوبته عبلة. بينما تربط روايات أخرى الصخرة بقصة ناقة النبي صالح المذكورة في القرآن الكريم. إضافة إلى تلك الحكايات، ظهرت نظريات خيالية حول انقسام الصخرة، بما في ذلك تلك التي تشير إلى كائنات فضائية أو قوى خارقة.
لكن الجيولوجيين يرون أن هناك تفسيراً علمياً لانقسام الصخرة بهذا الشكل. يشير البعض إلى أن انقسام الصخرة قد يكون ناتجاً عن حركة بسيطة في الأرض أسفل إحدى دعامتي الصخرة، مما تسبب في انقسامها إلى نصفين. النظرية العلمية الأبرز هي أن قوى التجوية مثل الرياح والمياه المتدفقة ساهمت في توسيع الشقوق على مدار آلاف السنين حتى انقسمت الصخرة بهذا الشكل الدقيق. الباحثة شيري لويس من جامعة بريستول أشارت إلى أن عملية التجمد والذوبان، والتي تحدث عندما تتسرب المياه إلى شقوق الصخرة وتتجمد، أدت إلى توسيع الشقوق تدريجياً حتى انقسامها. نظرية أخرى قدمها البروفيسور تيم ريستون من جامعة برمنغهام تشير إلى أن هذا الانقسام ناتج عن عملية إطلاق الضغط والتوسع التي تتشكل عند تعرض الصخرة لعوامل بيئية مثل درجات الحرارة والضغط.
وقد انقسمت صخور أخرى بالطريقة نفسها مثل "صخرة التفاحة المنقسمة" في نيوزيلندا، التي يبدو أنها انشقت بفعل قوى التجمد والذوبان، وهي عملية تتكرر عبر آلاف السنين لتسبب توسع الشقوق حتى ينقسم الصخر في النهاية إلى نصفين.