اكتشف باحثون من جامعة كومبلوتنسي في مدريد وجامعة واترلو في كندا أن تكوين الثقوب السوداء من الإشعاع الكهرومغناطيسي وحده قد يكون مستحيلاً. هذا الاكتشاف يشكل تحولاً كبيراً في النظريات القديمة التي كانت تعتبر إمكانية خلق ثقوب سوداء باستخدام طاقة الضوء المكثفة خيالاً علمياً محتملاً.
وفقاً لنظريات الفيزياء الفلكية التقليدية، إذا قمنا بتكديس كمية كافية من المادة في نقطة واحدة، فإن الزمان والمكان سينحنيان ليشكلان ما يُعرف بالثقب الأسود. وقد شملت حسابات أينشتاين حول هذه الظاهرة جميع أنواع المادة، بما في ذلك وهج الإشعاع الكهرومغناطيسي الذي لا يمتلك كتلة. بناءً على معادلة الطاقة الشهيرة E=mc2E = mc^2E=mc2، التي تصف التكافؤ بين الكتلة والطاقة، كان يعتقد أن طاقة الضوء نفسها يمكن أن تكون قادرة على خلق ثقب أسود إذا تركزت كمية كافية منها في نقطة واحدة.
إلا أن الدراسة الجديدة تعيد النظر في هذه الفرضية. قام الباحثون بتحليل كيفية تفاعل الإشعاع الكهرومغناطيسي عند تكثيفه بشكل كبير، واكتشفوا أن التركيز البحت للإشعاع لا يكفي لخلق ثقب أسود. هذه النتائج تعني أن هناك حدوداً لما يمكن أن تفعله طاقة الضوء المكثفة، وأن المادة الملموسة، ذات الكتلة الثابتة، تظل المكون الأساسي لتكوين الثقوب السوداء.
تساهم هذه الدراسة في تعميق فهمنا لظاهرة الثقوب السوداء والطريقة التي يتشكلون بها، وتؤكد أن الطاقة الضوئية، رغم قوتها الهائلة، لا تستطيع وحدها إحداث هذا التشوه الجذري في نسيج الزمكان. هذه النتائج تدفع العلماء لإعادة التفكير في النظريات القديمة وتوجيه الأبحاث المستقبلية نحو فهم أعمق لطبيعة الثقوب السوداء وعملية تكوينها
قبل أن نبدأ في استخدام الليزرات القوية لإحداث ثقوب في الكون، هناك شيء مهم يجب أن نعرفه: تأثير شفينجر. أراد الباحثون من جامعة كومبلوتنسي في مدريد وجامعة واترلو في كندا أن نعلم أن هذا التأثير يمكن أن يجعل تكوين الثقوب السوداء باستخدام الإشعاع الكهرومغناطيسي وحده مستحيلاً.
تصف نظرية النسبية العامة لأينشتاين كيفية تشوه الزمان والمكان بناءً على وجود الطاقة، مثل تلك التي تحتويها الكتلة. إذا وُضعت كمية كافية من الكتلة في نقطة واحدة، فإن التشوه سيصبح شديدًا لدرجة أنه لا شيء، حتى الضوء، سيتمكن من الهروب. هذا ما يُعرف بالثقب الأسود.
لطالما اعتُقد أن طاقة الضوء المكثفة يمكن أن تؤدي إلى تكوين ثقب أسود، نظرًا لأن معادلة أينشتاين E=mc2E = mc^2E=mc2 تُظهر التكافؤ بين الكتلة والطاقة. نظريًا، يمكن تركيز كمية كافية من طاقة الضوء في نقطة واحدة لإحداث تشوه كبير في الزمكان، مما يؤدي إلى تكوين ثقب أسود.
لكن تأثير شفينجر يأتي ليعقد هذه الفكرة. هذا التأثير، الذي يرتبط بتكوين أزواج الجسيمات والجسيمات المضادة في الحقول الكهربائية الشديدة، يمنع تراكم الإشعاع الكهرومغناطيسي بالكمية اللازمة لتكوين ثقب أسود. عند محاولتنا تركيز طاقة ضوئية مكثفة، يبدأ تأثير شفينجر في إنتاج أزواج من الجسيمات والجسيمات المضادة، مما يشتت الطاقة ويحول دون تحقيق الكثافة المطلوبة للطاقة في نقطة واحدة.
هذا الاكتشاف يشير إلى أن المادة الملموسة ذات الكتلة الثابتة تظل المكون الأساسي لتكوين الثقوب السوداء، وأن استخدام الليزرات القوية وحدها لن يكون كافياً لتحقيق ذلك. تبقى الثقوب السوداء إحدى أكثر الظواهر غموضًا في الكون، وما زال أمام العلماء الكثير لاكتشافه حول كيفية تكوينها والطبيعة الدقيقة لهذه الظاهرة الكونية العجيبة.
إعادة النظر في تكوين الثقوب السوداء: بين النظرية والواقع
في منتصف خمسينيات القرن الماضي، اكتشف الفيزيائي النظري الأمريكي جون ويلر أن لا شيء في نظرية أينشتاين يمنع إمكانية أن الطاقة داخل تركيز كافٍ من الموجات الجاذبية أو الكهرومغناطيسية يمكن أن تشوه الزمان والمكان لدرجة تبقي تلك الموجات نفسها محبوسة في مكانها. أطلق ويلر على هذا الجسم الغريب اسم "جيون" (geon)، واعتبره نوعًا من الجسيمات الافتراضية غير المستقرة بشدة.
الجيونات: بين الواقع والخيال
تعد الجيونات اليوم بقايا من عصر التأملات العلمية التي قدمت لنا أيضًا مفاهيم مثل الثقوب الدودية (wormholes) والثقوب البيضاء (white holes). هذه الأفكار، رغم كونها مثيرة، تساهم بشكل أكبر في استكشاف حدود النماذج الرياضية التي نستخدمها لفهم الكون، بدلاً من أن تكون حقائق فيزيائية مؤكدة.
الكوجل بليتس: الخيال العلمي والمصادر الطاقية
رغم أن الجيونات تعتبر نظريًا غير مستقرة، يظهر شكل من أشكالها أطلق عليه ويلر "كوجل بليتس" (kugelblitz) في الخيال العلمي كمصدر طاقة رائع. هذه الثقوب السوداء الصغيرة بحجم البروتون اقترحت أن تتشكل في تركيز مكثف من أشعة الضوء شديدة الطاقة، مثل الليزر عالي الطاقة المستقبلي.
التحديات الكمية: تأثير شفينجر
بينما تمنح النسبية العامة الضوء الأخضر لتكوين كوجل بليتس، تضع الفيزياء الكمية شكوكها. قام الفيزيائي النظري ألفارو ألفاريز-دومينغيز من جامعة كومبلوتنسي بمدريد وفريقه بحساب سلوك الحقول الكهرومغناطيسية عند ارتفاع طاقتها إلى مستويات قصوى. وجد الفريق أن حقلًا كهرومغناطيسيًا قويًا في مساحة فارغة تقريبًا يضمن ظهور أزواج من الإلكترونات والبوزيترونات نتيجة للاضطراب الكمي وتعدد الاحتمالات اللانهائي.
في ورقة لم تُراجع بعد، أظهر ألفاريز-دومينغيز وفريقه أن هذه الظاهرة المعروفة بتأثير شفينجر ستمنع تشكيل كوجل بليتس التي تتراوح في الحجم من ضعف حجم كوكب المشتري تقريبًا إلى جزء من حجم البروتون. عمليًا، تكديس كل هذا الضوء في نقطة واحدة سيوفر الطاقة اللازمة لظهور أزواج من الجسيمات المشحونة التي ستنطلق بسرعة قريبة من سرعة الضوء، مما يمنع تطور أفق الحدث الذي يُعرف به الثقب الأسود.
تظهر هذه الدراسات أن النظريات القديمة حول إمكانية تكوين الثقوب السوداء باستخدام طاقة الضوء المكثفة تحتاج إلى مراجعة. تأثير شفينجر يعقد الأمور، حيث يمنع تركيز الطاقة الضوئية الكافية لتكوين ثقب أسود. هذا يعيد تأكيد أن المادة الملموسة ذات الكتلة الثابتة تظل المكون الأساسي لتكوين الثقوب السوداء، ويشير إلى أن استخدام الليزرات القوية وحدها لن يكون كافياً لتحقيق ذلك. تبقى الثقوب السوداء إحدى أكثر الظواهر غموضًا في الكون، وما زال أمام العلماء الكثير لاكتشافه حول كيفية تكوينها والطبيعة الدقيقة لهذه الظاهرة الكونية العجيبة.
المصدر: وكالات