تواصل الكثير من النساء المسلمات في جميع أنحاء العالم حملهن خلال شهر رمضان والالتزام بصيامه، حتى خلال فترة الحمل. وهو ما يدفع البعض منهن، ما إن يقترب دخول الشهر الفضيل، إلى الإسراع إلى مجموعات خاصة بالأمهات الحوامل في الفيسبوك لطرح السؤال ذاته: هل أصوم أم لا؟ ورغم أنه يوجد رخصة صريحة للمرأة الحامل للإفطار في رمضان إذا خافت على صحتها أو صحة جنينها أو مولودها، إلا أن البعض منهن يشعرن بالضيق من تفويت صيامه أو جزء منه. في حين توجد نساء يحاولن صيام أكبر قدر منه حتى يتيسر لهن قضاءه، علما أنها سترضع في شهر رمضان العام المقبل وهو ما سيشكل نوعا من المشقة عليها.
قد تحدث تغييرات في نمط الحياة تتميز بالصيام المتقطع وتغير أنماط الأكل والنوم بين النساء الحوامل إذا تزامن شهر رمضان مع حملهن. رمضان هو فترة صيام سنوية تستمر لمدة شهر خلال شهر رمضان، يمتنع المسلمون خلال شهر رمضان عن الطعام والسوائل من الفجر حتى غروب الشمس. ويحظر التدخين والأنشطة الجنسية أثناء الصيام، حيث عادة ما يتم تقليل الأنشطة البدنية خلال النهار، في حين يتم زيادة الأنشطة خلال المساء والليال. تُعفى النساء الحوامل والمرضعات من هذا الواجب الديني إذا كن قلقات على صحتهن أو صحة أطفالهن. ومع ذلك، لا تزال العديد من النساء يصومن من أجل مشاركة تجاربهن الروحية والاجتماعية مع أسرهن.
لا توجد قاعدة واحدة تناسب جميع الحوامل في شهر رمضان المبارك، فكل حالة تختلف عن الأخرى وتستدعي استشارة طبية خاصة. إن صيام المرأة الحامل لا يؤثر على الجنين من حيث وزنه وطوله ووقت الولادة، غير أنه سيكون متعبا للنساء اللواتي يعانين بعض المشكلات الصحية أو ذوات البنية الضعيفة. في الثلث الأول [من الحمل]، نسبة كبيرة من السيدات يعانين من مشكلات الغثيان والقيء، مما يجعل تناول وجبات كبيرة صعبا، لأن شهية الأم لا تساعدها على ذلك. يُحدث الحمل الكثير من التغيرات الفسيولوجية في جسد المرأة، أهمها ما يُحدثه هرمون البروجيستيرون منذ بداية الحمل، الذي يؤثر على حركة الجهاز الهضمي كاملا، مُتسبِّبا في حدوث ارتجاع المريء، وارتخاء القولون والإمساك. يصادف، في الأشهر الأولى للحامل، غثيان وقيء يمكن أن يكون عنيفا وهو ما يستدعي بقاء الأم الحامل في المستشفى، لأنه يهدد حياة الجنين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجوع في حد ذاته قد يتسبَّب في حدوث الغثيان في الشخص العادي، ويزداد احتمال حدوث هذا في الحامل الصائمة. يرجع هذا إلى تراكم أحماض المعدة طوال فترة الصيام دون وجود طعام يُخفِّف من حِدَّتها. في الثلث الثاني [من الحمل] يتحسَّن الأمر قليلا، مما يُمكِّن الأم من تناول وجبتين على الأقل (الإفطار والسحور)، وأحيانا ثلاث وجبات. ما يهم هنا هو قدرتها على تغطية احتياجاتها من العناصر الغذائية، خاصة البروتين لأنه من العناصر التي يميل الناس إلى تناولها بكمية أقل". إذن، لا يتوقف الأمر على قدرة الأم على الصيام فقط، بل وقدرتها على تلبية احتياجات جسدها وجنينها من العناصر الغذائية المهمة للنمو خلال فترة الإفطار. هناك عوامل قد تَحُول دون حدوث ذلك لا علاقة لها بحالة الأم، وإنما بظروفها الاجتماعية. بحلول الثلث الأخير من الحمل، تكون أعضاء الجنين قد اكتملت، ولم يتبقَّ إلا أن يزداد في الوزن والحجم. هذه الزيادة في الحجم على أهميتها للجنين، فإنها تُشكِّل ضغطا داخليا على الجهاز الهضمي للأم. يكون حجم الرحم، في هذه الفترة، كبيرا للغاية، مما يضغط على المعدة ويجعلها أصغر حجما، وبالتالي لا تستطيع الأم تناول وجبات كبيرة لأنها تعاني بعدها من حرقة في المعدة أو الانتفاخ". هذا أيضا قد يمنع الأم من تناول كامل احتياجها من الطعام في الوقت القليل المخصَّص للإفطار، إذ إن الوجبات الصغيرة المتفرقة تساعد الأم على الحد من حرقة المعدة. مقارنة الأمهات الحوامل بعضهن لبعض، واستقاء النصائح الخاصة بالحمل خاصة في رمضان من مجموعات الأمهات على مواقع التواصل الاجتماعي، قد يتسبَّب في عواقب للأم الحامل أو المرضع. يُشكِّل الضغط المجتمعي دافعا للأمهات لتجاهل تعليمات الطبيب، أو حتى تجاهل ما يشعرن به من وهن أو ضعف في أجسادهن أو في حركة الجنين داخل أرحامهن، لتكون النهاية هي صيام شهر رمضان كاملا حتى لو كان ذلك يعني آثارا صحية سلبية. في معادلة ذات طرفين، الأم والجنين، حيث أحد الطرفين لا يستطيع اتخاذ القرارات الحاسمة الخاصة بصحته، على الطرف المسؤول توخي الحذر واستشارة الطبيب قبل اتخاذ قرار مصيري يُحدِّد مسار حياة شخصين لا شخص واحد.
المصدر: مواقع إلكترونية