مر أكثر من 900 يوم على حرمان 80% من الفتيات في عمر التعليم ما بعد المرحلة الابتدائية في أفغانستان، أي ما يعادل 3.7 ملايين فتاة، بقرار من زعيم حركة طالبان الشيخ هبة الله آخوند زاده. منذ وصول طالبان إلى السلطة في عام 2021، لم تتمكن حوالي 30% من الفتيات من الالتحاق بالمدارس الابتدائية. تُعتبر هذه المرة ليست الأولى التي تُغلق فيها مدارس البنات في البلاد؛ حيث تكررت هذه الظاهرة أربع مرات خلال القرن الماضي. في حكمها الأول بين عامي 1996 و2001، أغلقت الحركة مدارس الفتيات. وعندما استولت طالبان على الحكم مرة أخرى في عام 2021، فرضت حظرًا على تعليم الفتيات. ورغم أن الحظر كان يعتبر مؤقتًا في المرتين، إلا أن طالبان لم ترفع الحظر خلال حكمها الأول. تستمر هذه الانتهاكات في التحدي لحقوق الفتيات، مما يستدعي ضرورة التحرك لدعم حقهن في التعليم. يشير خبراء التعليم في أفغانستان إلى أن عدم التزام حركة طالبان بوعودها بإعادة فتح المدارس الثانوية والجامعات يعني أنها لا تنوي القيام بذلك، مما يجعل أفغانستان الدولة الوحيدة بين أكثر من 50 دولة إسلامية التي تُحرم فيها الفتيات من التعليم. يقول الأستاذ الجامعي عبد الرحيم جلالي للجزيرة نت إن "من المؤسف أن حركة طالبان، واستناداً إلى تفسيرها الخاص للأحكام الشرعية، أغلقت مدارس البنات للمرة الثانية، ولا يستند قرارها لأي أساس ديني أو ثقافي. إن موقفها من المرأة بشكل عام يعزز من عزلتها محليًا ودوليًا، في حين أن الشعب الأفغاني هو من يدفع الثمن". ويشير محللون سياسيون إلى أن قضية إغلاق المدارس والجامعات أصبحت دولية، حيث يرغب الكثير من مسؤولي الحكومة في استئناف التعليم، لكن زعيم طالبان مُصِرّ على موقفه، ولا يسمح لأحد، مهما كان شأنه، بمناقشة الأمر. وذكر وكيل وزارة التعليم السابق إبراهيم شينواري أنه نظرًا لحساسية موضوع المرأة في المجتمع الأفغاني، قررت الحكومات السابقة فصل الجنسين في المدارس، بحيث تُعفى الفتيات من التعليم المختلط، وتذهب الفتيات بعد المرحلة الابتدائية إلى مدارس بنات بزي خاص يتوافق مع الأحكام الإسلامية. ويؤكد شينواري عدم وجود تفسير دقيق لما يعنيه زعيم الحركة بتوافق المناهج الدراسية مع التعاليم الإسلامية، أو الحاجة إلى تحديد زي مناسب للنساء يتماشى مع الشريعة والعرف. ويفيد خبراء التعليم بأن أكثر من 330 ألف فتاة أفغانية تخرّجن من المدارس الابتدائية العام الماضي، وبدلًا من مواصلة دراستهن، انضممن إلى أكثر من 3.7 مليون فتاة حُرمن من التعليم الثانوي. ومع مرور الوقت، بدأت عائلات الفتيات تدرك أن طالبان لا تنوي فتح المدارس والجامعات، مما دفعها للتفكير في مغادرة أفغانستان بحثًا عن فرص تعليمية أفضل لبناتها. تقول حميدة كريمي، رئيسة أكاديمية "كوثر"، للجزيرة نت إن عدد الفتيات اللواتي يتعلمن عبر الإنترنت يصل إلى 3,500 طالبة، وقد سجلت الأكاديمية نحو 9,000 درس مصور، تتراوح مدة كل درس بين 14 إلى 17 دقيقة. بعد جائحة كورونا، أصبح التعليم عبر الإنترنت وسيلة شائعة في العديد من الدول المتقدمة، لكن هذه الطريقة تظل محدودة في أفغانستان. يتساءل خبراء التعليم عن مدى فعالية وكفاءة هذه الطريقة كبديل للمدارس الرسمية، خاصةً في ظل استطلاع معهد "جالوب" عام 2022، الذي أظهر أن 25% من الرجال و6% من النساء لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت، بينما تبلغ حصة النساء في المناطق الريفية 2% فقط. يرى وكيل وزارة التعليم السابق، إبراهيم شينواري، أن الحل الأساسي هو إعادة فتح المدارس والجامعات، نظرًا لغياب الكهرباء والإنترنت في بعض المناطق. ويتساءل: "كيف تستطيع العائلات الفقيرة تزويد بناتها بالحواسيب والإنترنت؟"، مما يجعل فرصة التعليم عبر الإنترنت محدودة. وفي الوقت نفسه، يشير القائمون على المدارس التي تقدم دروسًا عبر الإنترنت إلى تحدٍ آخر يتعلق بمصير الوثائق والشهادات. فإذا لم تُصادق الدوائر الحكومية على هذه الوثائق، فلن تتمكن الفتيات المتخرجات من الالتحاق بالجامعات مستقبلًا. وتضيف خديجة نبيل، مديرة مدرسة "كابل أونلاين"، أن "اعتماد شهادة التخرج عبر الإنترنت يمثل تحديًا كبيرًا، ونسعى لحل هذه المشكلة مع الدوائر الرسمية"، مشيرةً إلى أن وجود المدارس الافتراضية هو نتيجة للظروف الحالية، ولا تعرف كيف ستتعامل طالبان معها