مفكر وفيلسوف ألماني، يعتبر أحد أبرز الفلاسفة الألمان المحدثين ومن أعظم فلاسفة عصر التنوير الأوروبي، كما يعد من أكبر الفلاسفة تأثيرا في الفلسفة الغربية الحديثة.
المولد والنشأة
ولد إيمانويل كانتْ يوم 22 أبريل/نيسان عام 1724 في مدينة كونجسبرغ بألمانيا (بروسيا آنذاك)، لأسرة أبوها سَرَّاج وأمها شديدة التدين.
الدراسة والتكوين
التحق بمعهد فريدريش التعليمي خلال 1732-1740، ثم بجامعة كونجسبرغ عام 1740 حيث تخرج.
الوظائف والمسؤوليات
اضطر كانتْ إلى العمل مربيا لبعض الأسر الثرية، ثم صار مدرسا غير رسمي بجامعة كونجسبرغ في مجال القانون الطبيعي والأخلاق واللاهوت الطبيعي، ثم بعد ذلك في علم الإنسان والجغرافيا الطبيعية.
لم يفلح في أن يكون أستاذا رسميا لعدم اتصاله بأصحاب النفوذ السلطوي، لكنه سرعان ما تولى كرسي المنطق والميتافيزيقا عام 1770، ثم صار عضوا في الأكاديمية الملكية للعلوم ببرلين 1787. وهكذا أصبح أستاذا في جامعة كونجسبرغ ابتداء من عام 1770، فمديرا للجامعة، فعميدا للكلية خمس مرات.
التجربة الفلسفية
طرحت فلسفة كانتْ أسئلة أربعة أساسية وحاولت الإجابة عنها، وأول هذه الأسئلة هو: ما الذي أستطيع أن أعرفه؟ وهو سؤال المعرفة الذي لا ينفصل عند كانتْ عن بيان شروط إمكان المعرفة وبيان حدودها.
فأما شروط إمكان المعرفة ففيها ما هو قـبْلي مسبق لا تتم المعرفة إلا بوجوده، والقبلي منها هو: الإطاران (الزمان والمكان)، والمقولات العقلية (الاثنا عشر) ومبادئ العقل البشري، كل هذه تسبق المعرفة لتجعلها ممكنة.
تتمثل الشروط البعدية في المعطيات التي تزود بها الإنسانَ حواسُّه (المعطيات الاختبارية). فعنده أن لا معرفة حسية تكون خالصة (عكس النزعة الحسية)، ولا معرفة عقلية تكون بحتة (عكس النزعة العقلية)، وإنما المعرفة هي ما شارك في إنشائه الحس والعقل معا.
أما عن حدود المعرفة عند كانتْ، فهي أن المعرفة البشرية تجد نفسها محدودة بحدين: داخلي وخارجي، أما الحد الداخلي فيتعلق بأن الإنسان لا يعلم من الأشياء إلا ظواهرها، بحكم أنه يرفد هذه المعرفة -شاء أم أبى- بما عنده من سوابق معرفية، فلا يدرك الظواهر في ذاتها وإنما يدركها بحسب ما تظهر به لذاته.
الحد الثاني خارجي، ويتمثل في أن الإنسان لا يستطيع أن يدرك بالعقل الحقائق الميتافيزيقية (الغيبية): الله والعالم والحرية، وإنما هذه تدرك بالعمل (الإيمان).
الثاني من أسئلة كانتْ هو: ما الذي يجب عليَّ أن أفعله؟ ويتعلق هذا السؤال بمسألة العمل الأخلاقي. والذي عند كانتْ أنه إذا كان العقل النظري الخالص لا يسعف الإنسان في درك مبادئ الحياة العملية الأخلاقية، فإن له عقلا عمليا خاصا بذلك، ومن شأنه أن يكتشف في أعماق ذاته "آمرا قطعيا" أخلاقيا يدعوه إلى الالتزام بالمبادئ الخلقية، مثل مخاطبة ضمير الإنسان لصاحبه: "لا تقتل!".
السؤال الثالث عند كانتْ هو: ما الذي يمكنني أن آمله؟ ويتعلق هذا السؤال بالمسألة الدينية، أي: هل من أمل أرجوه إذا أنا فعلت ما ينبغي عليَّ فعله أخلاقيا؟
يرى كانتْ أن لا سبيل للعقل لإثبات الحقائق الغيبية (الله، العالم..)، وإنما يمكن للعقل فحسب أن يتفهم ما يدعو إليه الدين، لكنه ليس "الدين المزيف" القائم على عبادة الله عبادة منفعة وإنما "الدين الأخلاقي" القائم على عبادة الله عبادة محبة. مع العلم بأن كانتْ هو أول فيلسوف غربي يجعل الأخلاق أساس الدين وليس الدين أساس الأخلاق.
رابع أسئلة الفيلسوف كانتْ هو: من هو الإنسان؟ هذا هو سؤال "الأنتربولوجيا الفلسفية". والذي يقوله كانتْ هو أن الإنسان "كائن متناهٍ هشٌّ" مقارنة بالخالق، لأن الإنسان له المقدرة على تصور أمور لكنه لا يستطيع تحقيقها.
أطلـِقت على فلسفة كانتْ أسماء عدة (المثالية الذاتية، المثالية النقدية.. إلخ)، لكن الاسم الذي ارتضاه لها صاحبها هو "الفلسفة الترنسندنتالية"؛ أي تلك الفلسفة التي تبحث في "الشروط القبلية" للمعرفة البشرية. فلا تهتم بالمعارف ذاتها وإنما بطريقة معرفة الإنسان بها؛ أي بشروط التجربة وما يسبق التجربة منطقيا من مقتضيات تجعلها ممكنة.
المؤلفات
كتب كانتْ مؤلفات فلسفية عديدة، من أهمها: نقد العقل الخالص، ونقد العقل العملي، ونقد ملكة الحكم الجمالي.
الوفاة
توفي الفيلسوف إيمانويل كانت يوم 12 فبراير/شباط عام 1804.