أعلن الجيش الإسرائيلي صباح اليوم عن مقتل القائد العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، في غارة جوية على غزة تمت في يوليو/تموز الماضي، بينما لم تصدر حركة حماس أي تعليق على هذا الإعلان حتى الآن.
وكان الجيش الإسرائيلي قد صرّح في منتصف يوليو/تموز الماضي بأنه نفذ غارة جوية استهدفت منطقة المواصي في خان يونس، وكان الهدف منها هو محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، أسفرت الغارة عن مقتل العشرات وإصابة آخرين في مخيم للنازحين. محمد دياب المصري، المعروف باسم محمد الضيف، هو فلسطيني وُلد في غزة عام 1965، في وقت كانت المنطقة تحت السيطرة المصرية.
ينتمي الضيف إلى عائلة فلسطينية لاجئة، هُجّرت عام 1948 من قرية القبيبة إلى غزة، حيث نشأ وترعرع في مخيم خان يونس للاجئين، وبقي يعيش فيه طوال حياته.
نشأ محمد الضيف في أسرة تعاني من الفقر الشديد، وعمل بجانب والده في الغزل والتنجيد. كما أنشأ مزرعة لتربية الدواجن، وعمل سائقًا، مما اضطره أحيانًا للتوقف عن الدراسة من أجل مساعدة أسرته في تأمين احتياجاتها.
يعرف محمد الضيف بكنية "أبو خالد"، وهي التي اكتسبها من دور تمثيلي أداه في مسرحية "المهرج" خلال دراسته الجامعية، حيث لعب دور شخصية "أبو خالد" التاريخية، التي عاشت خلال الفترة ما بين العصرين الأموي والعباسي.
ويُلقب باسم "الضيف" مجازًا، في إشارة إلى نمط حياته المتنقل. فهو يتنقل باستمرار من مكان إلى آخر تجنبًا للغارات الجوية الإسرائيلية. خلال فترة دراسته الجامعية، انغمس محمد الضيف في الفكر الإسلامي وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، حيث كان من أبرز الناشطين في الكتلة الإسلامية في ذلك الوقت.
عندما انطلقت حركة حماس عام 1987 بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى، لم يتردد الضيف في الانضمام إلى صفوفها. واعتقلته السلطات الإسرائيلية عام 1989، حيث قضى 16 شهرًا في السجن بتهمة العمل ضمن الجهاز العسكري لحركة حماس.
وأثناء فترة سجنه، اتفق الضيف مع زكريا الشوربجي وصلاح شحادة على تأسيس حركة منفصلة عن حماس بهدف "أسر جنود الاحتلال". وبعد خروجه من السجن، ساهم الضيف في تأسيس كتائب عز الدين القسام، التي بدأت في الظهور كتشكيل عسكري مستقل. كان محمد الضيف من مؤسسي الكتائب وأحد أبرز قادتها.
فيما بعد، انتقل الضيف إلى الضفة الغربية برفقة عدد من قادة كتائب القسام من قطاع غزة، وأشرف على تأسيس فرع للكتائب هناك، حيث صبح قائدًا له بعد اغتيال عماد عقل في عام 1993.
وفي عام 2000، مع بداية الانتفاضة الثانية، اعتقلته السلطة الفلسطينية، لكنه تمكن من الهرب أو أُطلق سراحه بعد وقت قصير، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية.
بحلول عام 2002، أصبح محمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام، بعد اغتيال سلفه صلاح شحادة في غارة إسرائيلية.
وفي عام 2015، أدرج الضيف على اللائحة السوداء الأمريكية "للإرهابيين الدوليين"، كما أُدرج اسمه في قائمة الاتحاد الأوروبي للإرهاب في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي. لدى محمد الضيف تاريخ عسكري طويل يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي. على مدار الثلاثين عامًا الماضية، شارك في العديد من العمليات العسكرية ضد إسرائيل، بدءًا من اختطاف الجنود والهجمات الصاروخية، مرورًا بالعمليات العسكرية المختلفة، وصولًا إلى هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث يُعتقد أنه كان "العقل المدبر" لهذا الهجوم، إلى جانب يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة. ويُنسب إلى الضيف الفضل في تصميم أبرز أسلحة حماس، مثل صواريخ القسام، وتطوير شبكة الأنفاق المحفورة تحت غزة، التي تُعتبر عنصرًا استراتيجيًا في المقاومة. يُعتقد أن الضيف يقضي معظم وقته متخفياً في هذه الأنفاق بعيدًا عن أنظار الجيش الإسرائيلي، حيث يُشرف منها على توجيه عمليات حماس. محمد الضيف، الذي عزز استراتيجية إطلاق عدد كبير من الصواريخ، تعلم صناعة القنابل والقذائف الصاروخية على يد يحيى عياش، المعروف بلقب "المهندس" وأحد مؤسسي كتائب عز الدين القسام، والذي اغتالته إسرائيل عام 1996.
وفقًا لوكالة رويترز، يُعتبر التصميم والحذر من السمات البارزة لدى الضيف. وتنقل الوكالة عن مصدر في حماس خدم تحت قيادته قوله: "يمتلك الضيف أعصابًا من فولاذ. عندما يقرر استخدام مكان ما، يبقى ثابتًا ولا يتحرك. ليس لديه فضول لمعرفة ما يجري في الخارج، بل يعتمد على أعين وآذان من يثق بهم للحصول على المعلومات." في الأوساط الفلسطينية، يُعرف محمد الضيف بلقب "العقل المدبر"، بينما يُطلق عليه إسرائيليًا "رجل الموت" أو "المقاتل ذو التسعة أرواح"، حيث اكتسب هذه الألقاب بعد نجاته من سبع محاولات اغتيال إسرائيلية. الضيف يتصدر قائمة المطلوبين لدى إسرائيل منذ سنوات.
المصدر: وكالات